أشهر حيلة في عالم الوظيفة .. إحذريها!

فن التوازن بين الطموح والتنفيذ لتبهري مدرائك وتحققي النجاح.
—-
لو عملت في أي شركة لفترة قصيرة أو طويلة، أكيد سمعتِ النصيحة الذهبية:
“قللي وعودك وكثري عطائك”
under promise and over deliver (UPOD)
و لنسميها نصيحة عبّود …. علي اسم زميلك سنفور النصائح!
نصيحة عبود تبدو كأنها نصيحة لا يمكن التشكيك بها، و ثقافة راسخة تتردد في كل زاوية من أماكن العمل. في اللحظة الأولى، قد تشعرين وكأنك اكتشفتِ عصا سحرية للنجاح، الوصفة التي ستجعلك تنالين إعجاب مدرائك وزملائك. لكن خلف هذا التأثير الأولي، هناك حقيقة أكثر تعقيدًا: هذه النصيحة ليست دائمًا الحل المثالي، وأحيانًا قد تكون هي السبب في وضعكِ داخل دائرة مفرغة من الضغوط والمحدودية. تعالي نغوص في أعماقها ونكتشف كيف يمكن أن تتحول إلى سلاح ذو حدين، وكيف تجدين الطريقة المثلى للعب هذه اللعبة.
عندما نتحدث عن العمل الاحترافي، هناك توازن مطلوب بين الطموح والواقعية، وبين إبهار الآخرين والحفاظ على سلامتك النفسية. تخيلي مثلًا زميلة تعد بتسليم مهمة صعبة في وقت قياسي وتنجح، كيف يؤثر ذلك على طموحها وسمعتها؟
لو كنتِ حابة تكونين “العبقرية” التي يصفق لها الجميع بعد كل مشروع، نصيحة عبود قد تبدو مثالية. لكن هناك مواقف كثيرة تتحول فيها إلى فخ قاتل! لماذا؟ لأنها ببساطة يمكن أن تبهرهم أولا … ثم تخذلهم لاحقاً، اليكِ كيف:
أولا – تجعلك رهينة التوقعات المتواضعة!
عندما تتبنين استراتيجية تقليل الوعود دائمًا، (خط تحت “دائماً” !) سيتوقع منك الآخرون الحد الأدنى … دائماً، مثل زميلة تكرر تسليم المطلوب دون زيادة فتظل محصورة في إطار من الإنجاز المتوقع. هذا يجعل حتى إنجازاتك الرائعة تبدو عادية. في كتاب The Toyota Way، أحد مدراء تويوتا لنسميه توغوموري سيقول لمديره في كل اجتماع، أنه لا توجد مشاكل في الإنتاج، لكن مديره الياباني لا يقتنع:
لا مشاكل في العمل = مفاجآت تحت السجادة!
المقصود من الكلام أن المشاكل الداخلية في العمل أو الفريق تُخفى أحيااناً بوسائل مؤقتة أو حلول ظاهرية، مما يؤدي إلى تراكمها. مثال تويوتا هنا يؤكد أهمية مواجهة الأخطاء في الثقافة اليابانية و بكل جرأة لتحسين الأداء بدلاً من الاعتماد على التغطية.
ونعود لك، يا كوين،
تخيلي أنكِ في فريق عمل يقدم تقارير شهرية. بدلاً من مواجهة قضايا التأخير في التسليم، يقوم الفريق بتقديم نتائج غير مكتملة أو غير دقيقة فقط لتجنب النقد ووجع الرأس. هذا التصرف قد يمر مؤقتًا، لكن على المدى البعيد، يصبح الخطأ أكبر ويؤثر على سمعة الفريق ككل. التصحيح يبدأ عند التعرف على المشاكل والعمل على حل جذورها، مثل تحسين أدوات إدارة الوقت أو تقسيم المهام بوضوح.إذا استمريتِ في “كنس المشاكل تحت السجادة”، فإن المشاكل ستتختفي مؤقتاً ويأتي من يرقع الغطاء و ينكشف المستور.
التوقعات المنخفضة قد تبدو مريحة في البداية، لكن مع الوقت تصبحين أسيرة لهذا المستوى الأدنى.
ثانياً – “نصيحة عبود” تقتل رغبتك في التطور
اللعب في المنطقة الآمنة دائمًا يعني أنكِ لا تطورين نفسك. التحديات هي وقود النمو، وبدونها، ستجدين نفسكِ عالقة في نفس المكان. مثل اللي يسبح في مسبح الاطفال و يريد ان يكون مايكل فيليبس. مستحيل.
خذي مثال معاكس ليزلي نوب من مسلسل Parks and Recreation. كانت دائمًا تمنح كل طاقتها حتى لو وضعها ذلك في مواقف صعبة. النتيجة؟ استنزاف. على الناحية الاخرى هنالك الموظف الذي يتمسك بمبدأ عبود ولا يقدم سوى الحد الأدنى.
هناك فرق بين التحديات المدروسة والتحديات غير المدروسة. التحدي المدروس يساعدك على النمو بينما الفشل المتكرر دون تحليل يمكن أن يؤدي إلى الإحباط.
ثالثاً – التأثير على سمعتك: بين الإعجاب بكِ والملل منكِ
لا أحد يحب الأشخاص الذين “يبخسون” حق أنفسهم لان ذلك نوع من ضعف تقدير النفس.
زميلتكِ التي توعد بشيء بسيط وتسلّم أكثر، أول مرة قد تُبهرين بها، لكن بعد ذلك؟ ستنظرين إليها كمن يفتقر للطموح و شخص ما يساعدها في الانجاز بالخفاء
وفي احسن الاحوال ..
ستنكشف استراتيجيتها .. وسيُتوقع منها دايما تسليم مبهر!
إذن …
تضعين نفسك في ضغط دائم عندما تسلمين أكثر مما وعدتِ، سيصبح ذلك المتوقع منك دائمًا. تصبحين كالآلة التي لا تتوقف، وعندما يحدث أي تقصير، يتم التركيز على ذلك بدلًا من كل إنجازاتك السابقة.
إذا كنتِ مديرة تطبق هذه القاعدة دائمًا، ستخلقين بيئة عمل غير متوازنة، حيث يشعر الجميع أنهم يجب أن يبذلوا جهدًا استثنائيًا فقط ليكونوا على نفس المستوى.
ثقة العملاء: إذا كنتِ تقللين من وعودك مقارنة بمنافسيكِ، قد تخسرين الفرص منذ البداية. العميل يبحث دائمًا عن الحلول الواضحة والطموحة.
الأمر لا يتوقف هنا. هذه السمعة قد تلاحقكِ حتى عندما تحاولين تغيير أسلوبك. إذ كيف ستقنعين الآخرين أنكِ قادرة على تقديم شيء مختلف إذا كانت صورتك لديهم محصورة في كونك “قليلة الوعود” فقط؟
البديل الذكي: وعد واضح وتسليم ملتزم
اعرفي قدراتك الحقيقية: لا تعطي توقعات أقل من إمكانياتك، ولا تعدي بما لا يمكنك تنفيذه. تحليل قدراتك بشكل منتظم يمنحك وضوحًا أكبر بشأن ما يمكن تحقيقه. احتفظي بسجل يومي لإنجازاتك وتحدياتك.
كوني صريحة وذكية و حددي التوقعات بواقعية. اشرحي العملية وأهمية الجودة. بذبك تخلقين بيئة من الثقة المتبادلة. زي والتر وايت في Breaking Bad: “إذا بنسويها، بنسويها صح”.
(If we’re going to do this, we’re going to do it right)
تحدثي بثقة: بدلاً من قول: “ما أدري، يمكن أقدر”، قولي: “أنا أقدر، وسأخبركم إذا تغيرت الأمور”. الثقة في حديثك تعكس الثقة في قدراتك. تعلمي استخدام لغة واضحة ومباشرة.
الشفافية هنا لا تقلل من التوقعات، بل تضيف لها قيمة أكبر. عندما تعرفين قدراتكِ الحقيقية، يصبح من السهل تقديم وعود تستند إلى الحقائق وليس التخمين.
التنفيذ المتقن
التزامك بكلامك يعزز سمعتك كشخص موثوق. مثلًا، عندما تتعهدين بإنهاء مشروع بجودة عالية وفي الوقت المحدد، وتحققين ذلك فعليًا، ستصبحين نموذجًا يُحتذى به في الموثوقية والمهنية. روبرت دي نيرو في فيلم The Intern دائمًا يفي بوعوده، حتى الصغيرة. الأشخاص الذين يتمتعون بموثوقية عالية هم من يصنعون الفرق في أي فريق عمل. التفكير في التنفيذ كجزء من شخصيتك المهنية يجعل التزامك مستدامًا.
التواصل الفعّال
إذا حصل تأخير، كوني صريحة ووضحي السبب واطمئني الطرف الآخر. التواصل الجيد يمكنه إصلاح أي خلل في الجدول الزمني، بينما الغموض قد يزيد الأمور تعقيدًا. كما تقول “ميراندا بريستلي” في The Devil Wears Prada: “كل شيء لازم يكون مرتب، وإلا؟ الكارثة في الانتظار!”
التواصل لا يعني فقط الإبلاغ عن التأخير، بل هو القدرة على توجيه التوقعات بوضوح منذ البداية.
سلميهم (قصة) مو شغل والسلام!
عندما تسلمين مشروعًا، اربطيه بحكاية جذابة تظهر العمل الجماعي أو الجهد المبذول. “عرفتوا كيف سويناها؟ بالتعاون المثالي!” القصص تضيف لمسة إنسانية إلى العمل.
الخلاصة،
الذكاء في العمل ليس البقاء في منطقة الأمان دائمًا، ولا المبالغة في المخاطرة كما لو أنكِ “سوبر وومن” بلا حدود.
بل هو في قدرتك على تحقيق التوازن الذكي بين الجرأة والحذر، ومزجها بإصرار على الابتكار والتفوق. الذكاء الحقيقي هو أن تعرفي قدراتك بوضوح، تقدري إمكانياتك، وتتصرفي بصراحة وشفافية مع من حولك.
