من الآخر : انتِ ناجحة أم فالحة ؟

خلينا نفكّك المصطلح اللي يطارده الناس طول حياتهم، ويتوهون فيه مثل اللي يركض وراء السراب. ليش؟
لأننا عشنا حياتنا كلها نسمع عن “النجاح” كمفهوم غربي مستورد، بينما الحقيقة أن الإسلام عنده شيء أعظم وأعمق، اسمه “الفلاح”.
وهذا المفهوم سيغيّر طريقة عيشكِ بالكامل!
🚨 النجاح؟ مصطلح مخادع!
أسألكِ سؤال: لو النجاح يعني الوصول لهدف معين، فهل هذا معناه أن كل اللي ما وصلوا فاشلين؟ 🤔
بمعنى، لو شخص درس، اجتهد، سهر الليالي، لكن في النهاية ما حصل الوظيفة اللي يحلم فيها، هل هذا يعني أنه فشل؟ ولو شخص بنى مشروعًا رائعًا لكن بسبب انهيار السوق لم ينجح ماديًا، هل نقول عنه فاشل؟
المشكلة الحقيقية أن تعريف النجاح اللي صدّرته لنا ثقافة “تطوير الذات” و”الكوتشينغ” قائم على فكرة أنكِ “إما أن تنجحي كما خططتِ، أو تفشلي بالكامل.” وهنا الفخ الكبير!
في هذه المعادلة، كل شخص لم يصل لهدفه يُعتبر تلقائيًا خاسرًا، حتى لو بذل كل ما بوسعه، حتى لو اجتهد وتعب وسهر، حتى لو قدم كل ما عنده. النتيجة عندهم هي المعيار الوحيد، وكأنهم يقولون لكِ: “إما أن تنجحي أو أنكِ لا شيء!”
طيب، هل هذه هي الحقيقة؟
لا، لأن الإسلام أعطاكِ منظورًا مختلفًا تمامًا، منظورًا يعترف بأنكِ بشر، وأنكِ قد لا تصلين لما تطمحين إليه، لكن هذا لا يعني أنكِ فشلتِ!
اذن كيف؟
🎯 الفلاح: السر اللي لم يخبركِ به أحد!
الإسلام لم يذكر “النجاح” كمصطلح أساسي، لكنه ركّز على “الفلاح”. وخليني أخبركِ أن الفارق بين الكلمتين هو الفارق بين الراحة الأبدية والقلق المستمر.
الفلاح في اللغة يعني الزراعة. والفلاح هو المزارع، والمزارع ما عنده ضمانات، لكنه عنده شيئين:
- يبذل الجهد بدون أن يكون متأكدًا من النتيجة.
- عنده يقين بأن البذور اللي زرعها يومًا ما ستؤتي ثمارها، حتى لو لم يكن هو من يحصدها.
لو قسنا هذه الفكرة على الحياة، سنجد أن النجاح في الإسلام لا يعني “الحصول على الشيء”، بل يعني أن تعمل، وتجتهد، وتتوكل، وتستمر في زراعة بذوركِ، ثم تترك الثمار على الله!
🌿 النجاح خدعكِ، لكن الفلاح ينقذكِ!
طيب، لنفكر معًا، لو قلنا إن النجاح يعني “تحقيق الأهداف”، فمعناه أن كل اللي ماتوا قبل ما يحققون أهدافهم يعتبرون فاشلين، صح؟ 🤔
لكن الإسلام جاء بمفهوم مختلف تمامًا:
النبي ﷺ قال:
“من خرج في طلب العلم فهو في سبيل الله حتى يرجع.”
لحظة!
لاحظي أن الحديث لم يقل “حتى يحصل على شهادة” أو “حتى يحقق أعلى راتب”، بل قال فقط “من خرج في طلب العلم”، مجرد نيتكِ أنكِ تتعلمين، تجتهدين، تعملين، هذا بحد ذاته يُعتبر نجاحًا في ميزان الله.
بل أكثر من ذلك، الإسلام يُعلّمكِ أن النية أهم من الفعل نفسه.
إمام أحمد كان يقول لابنه:
“يا بني، انوِ الخير، فإنك بخير ما نويت الخير.”
يعني؟
يعني أنكِ لو سعيتِ للخير، حتى لو لم تحققيه بشكل كامل، فأنتِ ناجحة في ميزان الله، لأن النية وصلت، والعمل وُضع في ميزانك، والنتائج ليست مسؤوليتكِ بالكامل.
🛑 كيف ينقذكِ الفلاح من الإحباط والفشل؟
عندما تعتمدين على تعريف النجاح الغربي، حياتكِ ستصبح كالتالي:
- لو لم أحصل على الوظيفة، فأنا فاشلة.
- لو لم أتزوج بعد الثلاثين، فقد خسرتُ حياتي.
- لو لم أكوّن ثروة، فحياتي بلا قيمة.
لكن عندما تعتمدين على مفهوم الفلاح الإسلامي، حياتكِ ستصبح كالتالي:
✅ أنا أسعى، والله هو الذي يرزقني في الوقت المناسب.
✅ أنا أجتهد، والنتائج بيد الله، وليس بيدي.
✅ أنا أزرع بذوري، وقد أراها تُثمر في حياتي، وقد يراها أحفادي، لكنني لم أخسر!
وهذا الفارق الجوهري بين العقلية الغربية التي تجعلكِ عبدة للنتائج، وبين العقلية الإسلامية التي تجعلكِ عبدة للسعي واليقين بالله.
🏆 مثال واقعي: أغنى رجل لم يكن ناجحًا، لكنه كان “مفلحًا”!
هل تعرفين قصة الصحابي صُهيب الرومي؟
هذا الرجل كان من أغنى أغنياء مكة، وعندما قرر الهجرة إلى المدينة، قررت قريش أن تمنعه، وقالوا له:
“جئتنا فقيرًا، وأصبحت غنيًا بيننا، وتريد أن تأخذ أموالك وترحل؟ لا والله، لن نسمح لك!”
فقال لهم ببساطة:
“خذوا أموالي، واتركوني أهاجر!”
وفعلًا، ترك كل ثروته، وذهب إلى المدينة مفلسًا تمامًا، فلما وصل، استقبله النبي ﷺ وهو يقول له:
“رَبِحَ البيعُ يا صُهيب!”
لحظة! هو خسر أمواله كلها، فكيف يكون قد “ربح”؟
لأن مفهوم الربح والفلاح في الإسلام مختلف تمامًا عن مفهوم النجاح الغربي القائم على الأرقام والممتلكات. صُهيب لم يكن بحاجة إلى الأرقام، بل كان بحاجة إلى رضا الله، وهذا ما حققه.
📌 هل هذا يعني أن الإسلام ضد الطموح؟
هنا بعض الناس يسيئون الفهم، ويعتقدون أن الإسلام يعني أن لا تخططي لحياتكِ أو لا تحاولي تحقيق أهدافكِ، وهذا ليس صحيحًا. الإسلام يدعوكِ للعمل والاجتهاد، لكنه يُعلّمكِ أن النجاح ليس مجرد نتائج، بل رحلة مستمرة مليئة بالنية الصالحة والتوكل على الله.
🔹 هل تطمحين لبناء مشروعكِ؟ اسعي، لكن لا تربطي قيمتكِ الشخصية فقط بالأرباح.
🔹 هل تحلمين بالزواج؟ كوني سعيدة أثناء رحلتكِ، بدل أن تنتظري السعادة كجائزة في النهاية.
🔹 هل تريدين تحقيق أحلامكِ المهنية؟ نعم، اجتهدي، لكن لا تجعلي هذا سببًا في شعوركِ بالفشل لو تأخرتِ قليلًا.
🔥 الخاتمة: هل أنتي “ناجحة” أم “مفلحة”؟
تعالي نعيد التعريف من جديد:
النجاح هو أنكِ تحققي الهدف كما خططتِ له تمامًا.
أما الفلاح، فهو أن تسعي، وتجتهدي، وتصبري، وتؤمني أن كل ما يحدث لكِ هو جزء من خطة الله الأعظم.
فمن منّا تريد أن تكون ناجحة فقط، ثم تسقط عند أول عقبة؟
ومن منّا تريد أن تكون “مفلحة”، واثقة أن خطواتها كلها محسوبة عند الله، حتى لو لم ترَ الثمار فورًا؟
اختاري طريقكِ، لكن تذكري: النجاح لعبة احتماليات، لكن الفلاح وعد من الله! 🚀